الأعظم
لَكَ الْحَمْدُ يَا إِلَهِيْ بِمَا جَعَلْتَ النَّيْرُوْزَ عِيْدًا لِلَّذِيْنَ صَامُوْا فِيْ حُبِّكَ وَكَفُّوْا أَنْفُسَهُمْ عَمَّا يَكْرَهُهُ رِضَائُكَ، أَيْ رَبِّ اجْعَلْهُمْ مِنْ نَارِ حُبِّكَ وَحَرَارَةِ صَوْمِكَ مُشْتَعِلِيْنَ فِيْ أَمْرِكَ وَمُشْتَغِلِيْنَ بِذِكْرِكَ وَثَنَائِكَ، أَيْ رَبِّ لَمَّا زَيَّنْتَهُمْ بِطِرَازِ الصَّوْمِ زَيِّنْهُمْ بِطِرَازِ القَبُوْلِ بِفَضْلِكَ وَإِحْسَانِكَ لأَنَّ الأَعْمَالَ كُلَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِقَبُوْلِكَ وَمَنُوطَةٌ بِأَمْرِكَ، لَوْ تَحْكُمُ لِمَنْ أَفْطَرَ حُكْمَ الصَّوْمِ إِنَّهُ مِمَّنْ صَامَ فِيْ أَزَلِ الآزالِ وَلَوْ تَحْكُمُ لِمَنْ صَامَ حُكْمَ الإِفْطَارِ إِنَّهُ مِمَّنْ اغْبَرَّ بِهِ ثَوْبُ الأَمْرِ وَبَعُدَ عَنْ زُلالِ هَذَا السِّلْسَالِ، أَنْتَ الَّذِيْ بِكَ نُصِبَتْ رايَةُ أَنْتَ المَحْمُودُ فِي فِعْلِكَ وَارْتَفَعَتْ أَعْلامُ أَنْتَ المُطَاعُ فِيْ أَمْرِكَ، عَرِّفْ يَا إِلهِيْ عِبَادَكَ هَذَا المَقَامَ لِيَعْلَمُوا شَرَفَ كُلِّ أَمْرٍ بِأَمْرِكَ وَكَلِمَتِكَ وَفَضْلِ كُلِّ عَمَلٍ بِإِذْنِكَ وَإِرَادَتِكَ، وَلِيَرَوْا زِمَامَ الأَعْمَالِ فِي قَبْضَةِ قَبُوْلِكَ وَأَمْرِكَ لِئَلا يَمْنَعَهُمْ شَيْءٌ عَنْ جَمَالِكَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الَّتي فِيهَا يَنْطِقُ المَسِيحُ المُلْكُ لَكَ يَا مُوجِدَ الرُّوْحِ وَيَتَكَلَّمُ الحَبِيبُ لَكَ الحَمْدُ يَا مَحْبُوْبُ بِمَا أَظْهَرْتَ جَمَالَكَ وَكَتَبْتَ لأَصْفِيَائِكَ الْوُرُوْدَ فِي مَقَرِّ ظُهُوْرِ اسْمِكَ الأَعْظَمِ الَّذِيْ بِهِ نَاحَ الأُمَمُ إِلَّا مَنِ انْقَطَعَ عَمَّا سِوَاكَ مُقْبِلا إِلَى مَطْلِعِ ذَاتِكَ وَمَظْهَرِ صِفَاتِكَ، أَيْ رَبِّ قَدْ أَفْطَرَ الْيَوْمَ غُصْنُكَ وَمَنْ فِيْ حَوْلِكَ بَعْدَمَا صَامُوا فِي جِوَارِكَ طَلَبًا لِرِضَائِكَ، قَدِّرْ لَهُ وَلَهُمْ وَلِلَّذِيْنَ وَرَدُوا عَلَيْكَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ كُلَّ خَيْرٍ قَدَّرْتَهُ فِي كِتَابِكَ ثُمَّ ارْزُقْهُمْ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيْمُ الحَكِيْمُ.
2
أَنَا الأَقْدَسُ الأَعْظَمُ الأَبْهَى
لَكَ الحَمْدُ يَا إِلَهِي بِمَا جَعَلْتَ هَذَا اليَوْمَ عِيدًا لِلْمُقَرَّبِيْنَ مِنْ عِبَادِكَ وَالمُخْلِصِينَ مِنْ أَحِبَّتِكَ، وَسَمَّيْتَهُ بِهَذَا الإِسْمِ الَّذِي بِهِ سَخَّرْتَ الأَشْيَاءَ وَفَاحَتْ نَفَحَاتُ الظُّهُورِ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَآءِ، وَبِهِ ظَهَرَ مَا هُوَ المَسْطُورُ فِي صُحُفِكَ المُقَدَّسِةِ وَكُتُبِكَ المُنَزَّلَةِ، وَبِهِ بَشَّرَ سُفَرَاؤُكَ وَأَوْليَاؤُكَ لِيَسْتَعِدَّ الكُلُّ لِلِقَائِكَ وَالتَّوَجُّهِ إِلَى بَحْرِ وِصَالِكَ وَيَحْضُرُوا مَقَرَّ عَرْشِكَ ويَسْمَعُوا نِدَاءَكَ الأَحْلَى مِنْ مَطْلِعِ غَيْبِكَ ومَشْرِقِ ذَاتِكَ، أَحْمَدُكَ اللَّهُمَّ يَا إِلهِي بِمَا أَظْهَرْتَ الحُجَّةَ وَأَكْمَلتَ النِّعْمَةَ وَاسْتَقَرَّ عَلَى عَرْشِ الظُّهُورِ مَنْ كَانَ مُدِلاًّ بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَحَاكِيًا عَنْ فَرْدَانِيَّتِكَ، وَدَعَوْتَ الكُلَّ إِلى الحُضُورِ، مِنَ النَّاسِ مَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ وَفَازَ بِلِقَائِهِ وَشَرِبَ رَحِيقَ وَحْيِهِ، أَسْأَلُكَ بِسُلْطَانِكَ الَّذِي غَلَبَ الكَائِنَاتِ وَبِفَضْلِكَ الَّذِي أَحَاطَ المُمْكنَاتِ، بِأَنْ تَجْعَلَ أَحِبَّتَكَ مُنْقَطِعِينَ عَنْ دُونِكَ وَمُتَوَجِّهِينَ إِلَى أُفُقِ جُودِكَ، ثُمَّ أَيِّدْهُم عَلَى القِيَامِ عَلَى خِدْمَتِكَ لِيَظْهَرَ مِنْهُمْ مَا أَرَدْتَهُ فِي مَمْلَكَتِكَ وَيَرْتَفِعَ بِهِمْ رَايَاتُ نُصْرَتِكَ فِي بِلاَدِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتِعَالِي المُهَيْمِنُ العَلِيمُ الحَكيمُ، أَحْمَدُكَ يَا إِلهِي بِمَا جَعَلْتَ السِّجْنَ عَرْشًا لِمَمْلَكتِكَ وَسَمَاءً لِسَمَوَاتِكَ وَمَشْرِقًا لِمَشَارِقِكَ ومَطْلِعًا لِمَطَالِعِكَ وَمَبدَأً لِفُيُوضَاتِكَ وَرُوحًا لأَجْسَادِ بَرِيَّتِكَ، أَسْأَلُكَ بِأَنْ تُوَفِّقَ أَصْفِيَاءَكَ عَلَى العَمَلِ فِي رِضَائِكَ، ثُمَّ قَدِّسْهُم يَا إِلهي عَمَّا يَتَكَدَّرُ بِهِ أَذْيَالُهُم فِي أَيَّامِكَ، أَيْ رَبِّ تَرَى فِي بَعْضِ دِيَارِكَ مَا لا يُحِبُّهُ رِضَاؤُكَ، وَتَرَى الَّذِينَ يَدَّعُونَ مَحَبَّتَكَ يَعْمَلُونَ بِمَا عَمِلَ بِهِ أَعْدَاؤُكَ، أَيْ رَبِّ طَهِّرْهُمْ بِهذَا الكَوْثَرِ الَّذِي طَهَّرْتَ بِهِ المُقَرَّبِينَ مِنْ خَلْقِكَ وَالمُخْلِصِينَ مِنْ أَحِبَّتِكَ وَقَدِّسْهُم عَمَّا يَضِيعُ بِهِ أَمْرُكَ فِي دِيَارِكَ وَمَا يَحْتَجِبُ بِهِ أَهْلُ بِلاَدِكَ، أَيْ رَبِّ أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ المُهَيْمِنِ عَلَى الأَسْمَاءِ بِأَنْ تَحْفَظَهُم عَنِ اتِّبَاعِ النَّفْسِ وَالهَوَى، لِيَجْتَمِعَ الكُلُّ عَلَى مَا أَمَرْتَ بِهِ فِي كِتَابِكَ، ثُمَّ اجْعَلْهُم أَيَادِيَ أَمْرِكَ لِيَنْتَشِرَ بِهِمْ آيَاتُكَ فِي أَرْضِكَ وَظُهُورَاتُ تَنْزِيهِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى مَا تَشَاءُ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ المُهَيْمِنُ القَيُّومُ.
3
قَوْلُهُ تَعالى:
هُوَ الأَقْدَسُ الأَعْظَمُ الأَعْلَى
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يَا إِلهَ الْعَالَمِ وَمَالِكَ الأُمَمِ أَشْهَدُ أَنَّكَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقَدَّسًا عَنْ ذِكْرِ الْكَائِنَاتِ وَمُنَزَّهًا عَنْ أَعْلَى وَصْفِ الْمُمْكِنَاتِ، كُلَّمَا أَرَادَ الْمُخْلِصُوْنَ الصُّعُوْدَ إِلَى عِرْفَانِكَ أَطْرَدَهُمْ جُنُوْدُ عِلْمِكَ، وَكُلَّمِا أَرَادَ الْمُقَرَّبُوْنَ الْوُرُوْدَ إِلَى سَمَاءِ قُرْبِكَ مَنَعَتْهُمْ سَطْوَةُ بَيَانِكَ، نَشْهَدُ أَنَّ أَعْلى مَرَاتِبِ الأَسْمَاءِ كَانَ خَادِمًا لِبَابِكَ وَأَبْهَى مَطَالِعِها سَاجِدًا لِطَلْعَتِكَ وَخَاضِعًا لِحَضْرَتِكَ. إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِي لا تُوْصَفُ بِمَا تَرَكَّبَ مِنَ الْحُرُوْفِ وَتُفُوِّهَ بِالأَلْفَاظِ وَلا بِالْمَعَانِي الْمَكْنُونَةِ فِيْهَا، لأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَحْدُوْدٌ بِحُدُوْدَاتِ الذِّكْرِ وَالْبَيَانِ وَيَنْطِقُ بِهِ أَهْلُ الإِمْكَانِ، تَعَالى تَعَالى مِنْ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ ذِكْرُ أَحَدٍ وَيُدْرِكَكَ إِدْرِاكُ نَفْسٍ، تَعَالى تَعَالى مِنْ أَنْ تُوْصَفَ بِوَصْفِ دُوْنِكَ أَوْ تُنْعَتَ بِنَعْتِ خَلْقِكَ، إِنَّ مَظَاهِرَ الأُلُوْهِيَّةِ لَوْ يَطِيْرُنَّ بِأَجْنِحَةِ الْغَيْبِ وَالشُّهُوْدِ لَنْ يَصِلُنَّ إِلَى أَوَّلِ تَجَلٍّ ظَهَرَ وَأَشْرَقَ مِنْ أُفُقِ وَجْهِكَ الأَعْلَى وَمَطْلِعِ ظُهُوْرِكَ الأَسْنَى، وَإِنَّ مَطَالِعَ الرُّبُوْبِيَّةِ لَوْ يَصْعَدُنَّ بِدَوَامِ الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوْتِ لَنْ يَسْتَطِيْعُنَّ أَنْ يَتَقَرَّبُنَّ إِلَى شَمْسِ جَمَالِكَ، طُوْبَى لِمَنْ عَرَفَ بَقَائَكَ وَفَنَآءَ مَا دُوْنِكَ وَاعْتَرَفَ بِسُلْطَانِكَ وَعَجْزِ مَا سِوَاكَ، فَلَمَّا ثَبَتَ فَنَاءُ الأَشْيَاءِ عِنْدَ تَمَوُّجَاتِ بَحْرِ ذِكْرِكَ يَا مَالِكَ الأَشْيَاءِ يَثْبُتُ بِأَنَّ أَوْصَافَهُمْ وَأَذْكَارَهُمْ لا يَلِيْقُ لِعَظَمَتِكَ وَكِبْرِيَائِكَ وَلا يَنْبَغِيْ لِعُلُوِّكَ وَاقْتِدَارِكَ، وَلَكِنْ إِنَّكَ أَنْتَ يَا إِلهِيْ مِنْ بَدَايِعِ جُوْدِكَ وَأَلْطَافِكَ وَظُهُورْاتِ كَرَمِكَ وَعَطَائِكَ أَمَرْتَ الْكُلَّ بِذِكْرِكَ وَثَنَائِكَ وَقَبِلْتَ مِنْهُمْ مِنْ فَضْلِكَ وَمَوَاهِبِكَ، إِذَنْ يَدْعُوْ نَفْسُكَ نَفْسَكَ وَذَاتُكَ ذَاتَكَ مِنْ قِبَلِ مُحِبِّيْكَ الَّذِيْنَ حَمَلُوا الشَّدَائِدَ فِي سَبِيْلِكَ وَالْبَلايَا فِي حُبِّكَ وَرِضَائِكَ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ الَّذِيْ جَعَلْتَهُ عِيْدًا لأَهْلِ مَمْلَكَتِكَ وَالَّذِيْنَ صَامُوْا بِأَمْرِكَ الْمُبْرَمِ وَأَطَاعُوْا حُكْمَكَ الْمُحْكَمَ، تَعَالى هَذَا الْيَوْمُ الْمُبَارَكُ الْمَحْمُوْدُ الَّذِيْ اخْتَصَصْتَهُ بِالاسْمِ المَكْنُونِ المَشْهُودِ المَحْبُوبِ الَّذِيْ إِذَا أَشْرَقَ مِنْ أُفُقِ الْبَقَآءِ نَطَقَتِ السِّدْرَةُ الْمُنْتَهَى تَاللهِ قَدْ أَتَى مَوْلَىْ الْوَرَىْ الَّذِيْ لا يُوْصَفُ بِالأَسْمَاءِ، ثُمَّ اهْتَزَّتِ الْجِنَانُ وَنَطَقَتْ بِالاشْتِيَاقِ يَا مَلأَ الآفاقِ قَدْ أَتَى مَنْ طَافَ فِيْ حَوْلِهِ مَطَالِعُ الرَّحْمَنِ وَمَظَاهِرُ السُّبْحَانِ وَمَشَارِقُ الإِلْهَامِ، وَنَادَتِ الأَشْيَاءُ بِأَعْلَى النِّدَاءِ هَذَا لَوْحٌ فِيْهَ تَزَيَّنَ مَلَكُوْتُ الإِنْشَاءِ وَفُتِحَ بَابُ الْلِقَآءِ لِمَنْ فِيْ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، نَعِيْمًا لِمَنْ نَبَذَ الْهَوَى وَأَقْبَلَ إِلَى مَنْ لا يُعْرَفُ بِالذِّكْرِ وَالْبَيَانِ، تَاللهِ هَذَا يَوْمٌ يُسْمَعُ مِنْ خَرِيْرِ الْمَاءِ إِنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمُهَيْمِنُ الْقَيُّوْمُ، وَمِنْ هَزِيْزِ الأَرْيَاحِ إِنَّهُ لا إِلهَ إِلا هُوَ العَزِيْزُ الْمَحْبُوْبُ، وَمِنْ حَفِيْفِ الأَشْجَارِ إِنَّهُ لا إِلهَ إِلا هُوَ الْمُقْتَدِرُ الْمُعْطِيْ الْعَزِيْزُ الْوَدُوْدُ وَمِنْ لِسَانِ الْعَظَمَةِ عَنْ وَرَائِهَا هَذَا يَوْمٌ فِيْهِ ظَهَرَ الْمَشْهُوْدُ الْمَكْنُوْنُ وَالْظَّاهِرُ الْمَخْزُوْنُ، أَنِ اسْرُعُوا إِلَيْهِ يَا مَطَالِعَ الأَسْمَاءِ وَتَقَرَّبُوْا إِلَيْهِ يَا مَنْ فِيْ مَلَكُوْتِ الإِنْشَاءِ بِقُلُوْبٍ كَانَتْ مُطَهَّرَةً عَنِ الظُّنُوْنِ وَالأَوْهَامِ وَمُقَدَّسَةً عَمَّا يُذْكَرُ بَيْنَ الأَنَامِ، تَعالَى تَعالَى وَصْفُ مُحِبِّيْكَ الَّذِيْنَ تَمَسَّكُوْا بِحَبْلِ أَمْرِكَ وَتَشَبَّثُوْا بِذَيْلِ أَحْكَامِكَ وَتَكَلَّمُوْا بِمَا أَذِنْتَ لَهُمْ فِي أَلْوِاحِكَ وَمَا تَجَاوَزُوْا عَمَّا حُدِّدَ فِيْ كِتَابِكَ وَنَطَقُوْا فِيْ مَمْلَكَتِكَ بِالْحِكْمَةِ الَّتي أَمَرْتَهُمْ بِهَا فِيْ صَحَائِفِ جُوْدِكَ وَزُبُرِ فَضْلِكَ، أَيْ رَبِّ أَيِّدْهُمْ عَلى نُصْرَةِ أَمْرِكَ بِمَا بَيَّنْتَ لَهُمْ مِنْ قَلَمِكَ الأَعْلَى وَعَلَّمْتَهُمْ مِنْ أَلْوَاحٍ شَتَّى، أَيْ رَبِّ لا تَدَعْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ فَاحْفَظْهُمْ بِقُدْرَتِكَ وَسُلْطَانِكَ، ثُمَّ انْصُرْهُمْ بِجُنُودِكَ وَاقْتِدَارِكَ، أَيْ رَبِّ هُمْ عِبَادُكَ وَأَرِقَّائُكَ قَدْ آمَنُوْا بِكَ وَأَقْبَلُوْا إِلَى سَمَاءِ فَضْلِكَ لا تَحْرِمْهُمْ عَنْ ظُهُوْرَاتِ عَوَاطِفِكَ فِيْ أَيّامِكَ وَلا تَمْنَعْهُمْ عَنْ عَرْفِ أَوْرَادِ حِكْمَتِكَ، فَاهْدِهِمْ يَا إِلهِيْ إِلَى بَحْرِ رِضَائِكَ لِيَغْتَمِسُوا فِيْهِ بِاسْمِكَ لِئَلا يُحْزِنَهُمْ أَفْكَارُهُمْ وَلا يُكَدِّرَهُمْ مَا يَرَوْنَ فِي سَبِيْلِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ الَّذِيْ اعْتَرَفَ كُلُّ ذِي قُدْرَةٍ بِاقْتِدَارِكَ وَأَقَرَّ كُلُّ ذِيْ شَوْكَةٍ بِسُلْطَانِكَ وَاسْتُجْهِلَ كُلُّ ذِيْ عِلْمٍ عِنْدَ تَمَوُّجَاتِ بَحْرِ عِلْمِكَ وَاسْتُضْعِفَ كُلُّ قَوِيٍّ عِنْدَ شُئُوْنَاتِ قُوَّتِكَ، أَنْتَ الَّذِيْ يَا إِلهِيْ تَسْتَحِيْ الأَسْمَاءُ مِنْ أَنْ تُنْسَبَ إِلَيْكَ وَالأَشْيَاءُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ لَدَيْكَ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ فِي عُلُوٍّ لا يُعْرَفُ بِالأَذْكَارِ وَفِيْ سُمُوٍّ لا يُوْصَفُ بِالأَوْصَافِ، مَا أَعْظَمَ سُلْطَانَكَ وَمَا أَعْظَمَ اقْتِدَارَكَ وَمَا أَكْبَرَ اسْتِعْلائَكَ مَعَ عِلْمِ الْكُلِّ بِتَقْدِيسِكَ عَمَّا دُوْنَكَ وَتَنْزِيْهِكَ عَمَّا سِوَاكَ، قَدْ سَخَّرْتَ الْعَالَمَ بِالْكَلِمَةِ الَّتي تُنْسَبُ إِلَى مَلَكُوْتِ بَيَانِكَ وَيَتَضَوَّعُ مِنْهَا عَرْفُ قَمِيْصِ أَمْرِكَ، يَا إِلهَ الْوُجُوْدِ وَمُرَبَّيَ الْغَيْبِ وَالشُّهُوْدِ فَاخْلُقْ آذَانًا طَاهِرَةً وَقُلُوْبًا صَافِيَةً وَأَعْيُنًا نَاظِرَةً لِيَجِدُنَّ حَلاوَةَ بَيَانِكَ الأَحْلى وَيَتَوَجَّهُنَّ إِلَى الأُفُقِ الأَعْلى وَيَعْرِفُنَّ مَا أَنْزَلْتَ بِجُوْدِكَ يَا سُلْطَانَ الأَسْمَاءِ، ثُمَّ أَضْرِمْ نَارَ مَحَبَّتِكَ فِيْ مَمْلَكَتِكَ لِتَشْتَعِلَ بِهَا قُلُوْبُ بَرِيَّتِكَ وَيَتَوَجَّهُنَّ إِلَيْكَ وَيَعْتَرِفُنَّ بِفَرْدَانِيَّتِكَ وَيُقِرُّنَّ بِوَحْدَانِيَّتِكَ، يَا إِلهَ الأَسْمَاءِ فَاكْشِفْ عَنْهُمْ سُبُحَاتِ الْجَلالِ ثُمَّ عَرِّفْهُمْ فَضْلَ هَذَا الْيَوْمِ الَّذِيْ تَزَيَّنَ بِاسْمِكَ وَتَنَوَّرَ مِنْ أَنْوَارِ وَجْهِكَ، أَنْتَ الَّذِيْ لَنْ تَرْفَعَكَ حَسَنَاتُ الْعَالَمِ وَلا تَمْنَعُكَ سَيِّئَاتُ الأَمَمِ وَلا تَخْذُلُكَ سَطْوَةُ الأُمَرَاءِ وَلا تُعْجِزُكَ قُدْرَةُ الأَقْوِيَاءِ تَفْعَلُ بِسُلْطَانِكَ مَا تَشَاءُ لا إِلهَ إِلا أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ الْمُتَعَالِي الْعَلِيْمُ الْحَكِيْمُ، فَأَنْزِلْ يَا إِلهِيْ مِنْ سَمَاءِ جُوْدِكَ عَلَى أَحِبَّتِكَ مَا يَجْعَلُهُمْ نَاظِرِيْنَ إِلَيْكَ وَعامِلِيْنَ بِإِذْنِكَ وَإِرَادَتِكَ، ثُمَّ قَدِّرْ لَهُمْ مَا يَنْفَعُهُمْ وَيَحْفَظُهُمْ وَيُقَرِّبُهُمْ وَيُخَلِّصُهُمْ إِنَّكَ أَنْتَ مَوْلاهُمْ وَخَالِقُهُمْ وَمُعِيْنُهُمْ لا إِلهَ إِلا أَنْتَ الغَفُوْرُ الْكَرِيْمُ، ثُمَّ أَسْأَلُكَ يَا إِلهِيْ بِأَنْ تُؤَلِّفَ بَيْنَ قُلُوْبِ أَحِبَّائِكَ وَتُوَفِّقَهُمْ عَلَى الاتِّفَاقِ وَالاتِّحَادِ فِيْ أَمْرِكَ لِئَلا يَظْهَرَ مِنْهُمْ مَا لا يَلِيْقُ لَهُمْ فِيْ أَيَّامِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ الْمُتَعَالِي الْعَلِيُّ الْعَظِيْمُ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ.
4
هُوَ الحَيُّ الْبَاقي الْقَيُّوْمُ
شَهِدَ اللهُ لِنَفْسِهَ بِوَحْدَانِيَّةِ نَفْسِهِ وَلِذَاتِهِ بِفَرْدَانِيَّةِ ذَاتِهِ وَنَطَقَ بِلِسَانِهِ فِي عَرْشِ بَقَائِهِ وَعُلُوِّ كِبْرِيَائِهِ بِأَنَّهُ لا إِله إِلَّا هُوَ لَمْ يَزَلْ كَانَ مُوَحِّدَ ذَاتِهِ وَوَاصِفَ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ وَمُنِعَتْ كَيْنُونَتِهِ بِكَيْنُونَتِهِ وَإِنَّهُ هُوَ الْمُقْتَدِرُ الْعَزِيْزُ الْجَمِيلُ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَالْقَائِمُ عَلى خَلْقِهِ وَبِيَدِهِ الأَمْرُ وَالْخَلْقُ، يُحْيِي بِآيَاتِهِ وَيُمِيتُ بِقَهْرِهِ لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَإِنَّهُ كَانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرًا، وَإِنَّهُ لَهُوَ الْقَاهِرُ الْغَالِبُ الَّذِي فِي قَبْضَتِهِ مَلَكُوْتُ كُلِّ شَيْءٍ وَفِيْ يَمِيْنِهِ جَبَرُوْتِ الأَمْرِ وَإِنَّهُ كَانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُحِيْطًا، لَهُ النَّصْرُ وَالانْتِصَارُ وَلَهُ الْقُوَّةُ وَالاقْتِدَارُ وَلَهُ الْعِزَّةُ وَالاجْتِبَارُ وَإِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْمُقْتَدِرُ الْمُخْتَارُ، سُبْحَانَكَ يَا مَنْ نَادَاكَ أَلْسُنُ الْكَائِنَاتِ فِي أَزَلِ اللاَّبِداياتِ وَأَبَدِ اللاَّنِهاياتِ وَمَا وَصَلَ نِدآءُ أَحَدٍ مِنْهُمْ إِلى هَوَاءِ بَقَاءِ قُدْسِ كِبْرِيَائِكَ، وَفُتِحُتْ عُيُوْنُ الْمَوْجُوْدَاتِ لِمُشَاهَدَةِ أَنْوَارِ جَمَالِكَ وَمَا وَقَعَتْ عُيُوْنُ نَفْسٍ إِلى بَوَارِقِ ظُهُوْرَاتِ شَمْسِ وِجْهَتِكَ، وَرُفِعَتْ أَيْدِيْ الْمُقَرَّبِيْنَ بِدَوَامِ عِزَّ سَلْطَنَتِكَ وَبَقَاءِ قُدْسِ حُكُوْمَتِكَ وَمَا بَلَغَتْ يَدُ أَحَدٍ إِلى ذَيْلِ رِدَآءِ سُلْطَانِ رُبُوبِيَّتِكَ، مَعَ الَّذِي لَمْ تَزَلْ كُنْتَ بِبَدائِعِ جُوْدِكَ وَإِحْسَانِكَ قَائِمًا عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَمُهَيْمِنًا عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَتَكُوْنُ أَقْرَبَ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِهِمْ، فَسُبْحَانَكَ مِنْ أَنْ تُنْظَرَ بَدِيْعُ جَمَالِكَ إِلَّا بِلَحَظَاتِ عُيُوْنِ أَزَلِيَّتِكَ أَو يُسْمَعَ نَغَمَاتُ عِزِّ سَلْطَنَتِكَ إِلَّا بِبَدِيْعِ سَمْعِ أَحَدِيَّتِكَ، فَسُبْحَانَكَ مِنْ أَنْ تَقَعَ عَلى جَمَالِكَ عُيُوْنُ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْ يصْعَدَ إِلى هَوَاءِ عِرْفَانِكَ أَفْئِدَةُ أَحَدٍ مِنْ بَرِيَّتِكَ، لأَنَّ أَطْيَارَ قُلُوبِ الْمُقَرَّبِينَ لَوْ تَطِيرُ بِدَوَامِ سُلْطَانِ قَيُّومِيَّتِكَ أَو تَتَعَارَجُ بِبَقَاءِ قُدْسِ أُلُوهِيَّتِكَ لا تَخْرُجُ عَنْ حَدِّ الإِمْكَانِ وَحُدُوْدِ الأَكْوَانِ فَكَيْفَ يَقْدِرُ بِحُدُوْدِ الإِبْدَاعِ أَنْ يَصِلَ إِلى مَلِيْكِ مَلَكُوْتِ الاخْتِرَاعِ أَوْ يَصْعَدَ إِلى سُلْطَانِ جَبَرُوتِ الْعِزَّةِ وَالارْتِفَاعِ، سُبْحَانَكَ يَا مَحْبُوبِيِ لَمَّا جَعَلْتَ مُنْتَهَى وَطَنِ الْبَالِغِيْنَ إِقْرَارَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنِ الْبُلُوْغِ إِلى رَفَارِفِ قُدْسِ سُلْطَانِ أَحَدِيَّتِكَ وَمُنْتَهَى مَقَرِّ الْعِارِفِيْنَ اعْتِرَافَهُمْ بِالْقُصُوْرِ عَن الْوُصُولِ إِلى مَكَامِنِ عِزِّ عِرْفَانِكَ أَسْأَلُكَ بِهَذَا الْعَجْزِ الَّذِي أَحْبَبْتَهُ فِي نَفْسِكَ وَجَعَلْتَهُ مَقَرَّ الْوَاصِلِيْنَ وَالْوَارِدِيْنَ وَبِأَنْوَارِ وَجْهِكَ الَّتي أَحَاطَتِ الْمُمْكِنَاتِ وَبِمَشِيئَتِكَ الَّتي بِهَا خَلَقْتَ الْمَوْجُوْدَاتِ بِأَنْ لا تُخَيِّبَ آمِليْكَ عَنْ بَدَائِعِ رَحْمَتِكَ وَلا تَحْرِمَ قَاصِدِيْكَ عَنْ جَوَاهِرِ فَضْلِكَ، ثُمَّ اشْتَعِلْ فِي قُلُوْبِهِمْ مَشَاعِلَ حُبِّكَ لِيَحْتَرِقَ بِهَا كُلُّ الأَذْكَارِ دُوْنَ بَدَائِعِ ذِكْرِكَ وَيَمْحُوَ عَنْ قُلُوْبِهِمْ كُلَّ الآثارِ سِوَى جَوَاهِرِ آثارِ قُدْسِ سَلْطَنَتِكَ حَتّى لا يُسْمَعَ فِي الْمُلْكِ إِلَّا نَغَمَاتُ عِزِّ رَحْمِانِيَّتِكَ وِلا يُشْهَدُ فِي الأَرْضِ إِلَّا سَوَاذِجُ أَنْوَارِ جَمَالِكَ وَلا يُرى فِي نَفْسٍ دُوْنَ طِرَازِ جَمَالِكَ وَظُهُورِ إِجْلالِكَ لَعَلَّ لا تَشْهَدُ مِنْ عِبَادِكَ إِلَّا مَا تَرْضَى بِهِ نَفْسُكَ وَيُحِبُّهُ سُلْطَانُ مَشِيئَتِكَ، سُبْحَانَكَ يَا سَيِّدِي فَوَعِزَّتِكَ لأَيْقَنْتُ بِأَنَّكَ لَوْ تَقْطَعُ نَفَحَاتِ قُدْسِ عِنَايَتِكَ وَنَسَماتِ جُوْدِ إِفْضَالِكَ عَنِ الْمُمْكِنَاتِ فِي أَقَلَّ مِنْ آنٍ لَيَفْنَى كُلُّ الْمَوْجُوْدَاتِ وَيَنْعَدِمُ كُلُّ مَنْ فِي الأَرَضِيْنَ وَالسَّمَوَاتِ، فَتَعَالى بَدَائِعُ قُدْرِتِكَ الْعَالِيِةِ فَتَعَالَى سُلْطَانُ قُوَّتِكَ الْمَنِيْعَةِ فَتَبَاهى مَلِيْكُ اقْتِدَارِكَ الْمُحِيْطَةِ وَمَشِيَّتِكَ النَّافِذَةِ بِحَيْثُ لَوْ تُحْصِي فِي بَصَرِ أَحَدٍ مِنْ عِبَادِكَ كُلَّ الأَبْصَارِ وَتَدَعُ فِي قَلْبِهِ كُلَّ الْقُلُوبِ ِوتَشْهَدُ فِي نَفْسِهِ كُلَّ مَا خَلَقْتَ بِقُدْرَتِكَ وَذَوَّأْتَ بِقُوَّتِكَ وَيَتَفَرَّسُ فِي أَقَالِيْمِ خَلْقِكَ وَمَمَالِكِ صُنْعِكَ فِي أَزَلِ الآزَالِ لَنْ تَجِدَ شَيْئًا إِلَّا وَقَدْ يَشْهَدُ سُلْطَانَ قُدْرَتِكَ قَائِمَةً عَلَيْهِ وَمَلِيْكَ إِحَاطَتِكَ قَاهِرَةً عَلَيْهِ، فَهَا أَنَا ذَا إِذًا يَا إِلهِي قَدْ وَقَعْتُ عَلَى التُّرَابِ بَيْنَ يَدَيْكَ وَاعْتَرَفْتُ بِعَجْزِ نَفْسِيْ وَاقْتِدَارِ نَفْسِكَ وَفَقْرِ ذَاتِيْ وَغَنَاءِ ذَاتِكَ وَفَنَاءِ رُوْحِيْ وَبَقَاءِ رُوْحِكَ وَمُنْتَهَى ذُلِّيْ وَمُنْتَهَى عِزِّكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لا شَرِيْكَ لَكَ وَحْدَكَ لا شَبِيْهَ لَكَ وَحْدَكَ لا نِدَّ لَكَ وَحْدَكَ لا ضِدَّ لَكَ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ بِعُلُوِّ ارْتِفَاعِ قَيُّومِيَّتِكَ مُقَدَّسًا عَنْ ذِكْرِ مَا سِوَاكَ وَلا تَزَالُ تَكُوْنُ بِسُمُوِّ اسْتِرْفَاعِ أَحَدِيَّتِكَ مُنَزَّهًا عَنْ وَصْفِ مَا دُوْنِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يَا مَحْبُوْبِي لا يَنْبَغِيْ ذِكْرُ الْمَوْجُوْدَاتِ لِنَفْسِكَ الأَعْلَى وَلا يَلِيْقُ وَصْفُ الْمُمْكِنَاتِ لِبَهَائِكَ الأَبْهَى بَلْ ذِكْرُ دُوْنِكَ شِرْكٌ فِي سَاحَةِ قُدْسِ رُبُوبِيَّتِكَ وَنَعْتُ غَيْرِكَ ذَنْبٌ عِنْدَ ظُهُوْرِ سُلْطَانِ أُلُوهِيَّتِكَ، لأَنَّ بِالذِّكْرِ يَثْبُتُ الْوُجُودُ تِلْقَاءَ مَدْيَنِ تَوْحِيْدِكَ وَهَذَا شِرْكٌ مَحْضٌ وَبَغْيٌ بَاتٌّ، حِيْنَئِذٍ أَشْهَدُ بِنَفْسِيْ وَرُوْحِيْ وَذَاتِيْ بِأَنَّ مَطَالِعَ قُدْسِ فَرْدَانِيَّتِكَ وَمَظَاهِرَ وَحْدَانِيَّتِكَ لَوْ يَطِيْرُنَّ بِدَوَامِ سَلْطَنَتِكَ وَبَقَاءِ قَيُّومِيَّتِكَ لَنْ يَصِلُوْا إِلى هَوَآءِ قُرْبِ الَّذِيْ فِيْهِ تَجَلَّيْتَ بِاسْمِ مِنْ أَسْمَاءِ أَعْظَمِكَ، فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ عَنْ بَدِيْعِ جَلالِكَ فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ عَنْ مَنِيْعِ إِجْلالِكَ فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ عَنْ عُلُوِّ سَلْطَنَتِكَ وَسُمُوِّ شَوْكَتِكَ وَاقْتِدَارِكَ، وَإِنَّ أَعْلَى أَفْئِدَةِ الْعَارِفِيْنَ وَمَا عَرَفُوا مِنْ جَوَاهِرِ عِرْفَانِكَ وَأَبْهَى حَقَائِقِ الْبَالِغِيْنَ وَمَا بَلَغُوْا إِلى أَسْرَارِ حِكْمَتِكَ قَدْ خُلِقَتْ مِنْ رُوْحِ الَّذِي نُفِخَ مِنْ قَلَمِ صُنْعِكَ، وَمَا خُلِقَ مِنْ قَلَمِكَ كَيْفَ يَعْرِفُ مَا قَدَّرْتَ فِيْهِ مِنْ جَوَاهِرِ أَمْرِكَ أَوْ أَنَامِلِ الَّتي كَانَتْ قَيُّوْمَةً عَلَيْهِ وَعَلى مَا فِيْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ إِلى هَذَا الْمَقَامِ فَكَيْفَ يَبْلُغُ إِلى يَدِكَ الَّتي كَانَتْ قَاهِرَةً عَلَى أَنَامِلِ قُوَّتِكَ أَو يَصِلُ إِلى إِرَادَتِكَ الَّتي كَانَتْ غَالِبَةً عَلى يَدِكَ، فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ يَا إِلهِيْ بَعْدَ الَّذِي انْقَطَعَتْ أَفْئِدَةُ الْعُرَفَاءِ عَنْ عِرْفَانِ صُنْعِكَ الَّذِي خَلَقْتَهُ بِإِرَادَتِكَ فَكَيْفَ الصُّعُوْدُ إِلى سَمَوَاتِ قُدْسِ مَشِيْئَتِكَ أَو الْوُرُوْدُ فِي سُرَادِقِ عِرْفَانِ نَفْسِكَ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يَا إِلهِيْ وَسَيَّدِيْ وَمَالِكِيْ وَسُلْطَانِيْ حِيْنَئِذٍ لَمَّا اعْتَرَفْتُ بِعَجْزِيْ وَعَجْزِ الْمُمَكِنَاتِ وَأَقْرَرْتُ بِفَقْرِيْ وَفَقْرِ الْمَوْجُوْدَاتِ أُنَادِيْكَ بِلِسَانِيْ وَأَلْسُنِ كُلِّ مِنْ فِي الأَرَضِيْنَ وَالسَّمَوَاتِ وَأَدْعُوْكَ بِقَلْبِيْ وَقُلُوْبِ مَنْ دَخَلَ فِي ظِلِّ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ بِأَنْ لا تُغْلِقَ عَلَى وُجُوْهِنَا أَبْوَابَ فَضْلِكَ وَإِفْضَالِكَ وَلا تَنْقَطِعَ عَنْ أَرْوَاحِنَا نَسَمَاتُ جُوْدِكَ وَأَلْطَافِكَ وَلا تَشْتَغِلَ قُلُوْبُنَا بِغَيْرِكَ وَلا أَفْئِدَتُنَا بِذِكْرِ سِوَاكَ، فَوَعِزِّتِكَ يَا إِلهِي لَوْ تَجْعَلُنِيْ سُلْطَانًا فِي مَمْلَكَتِكَ وَتُجْلِسُنِيْ عَلَى عَرْشِ فَرْدَانِيَّتِكَ وَتَضَعُ زِمَامَ كُلِّ الْوُجُوْدِ فِي قَبْضَتِي بِاقْتِدَارِكَ وَتَجْعَلُنِيْ فِي أَقَلَّ مَا تُحْصَى مَشْغُولاً بِذَلِكَ وَغَافِلاً عَنْ بَدَائِعِ ذِكْرِكَ الأَعْلَى فِي اسْمِكَ الأَعْظَمِ الأَتَمِّ الْعَلِيِّ الأَعْلى فَوَعِزَّتِكَ لَنْ تَرْضَى نَفْسِيْ وَلَنْ يَسْكُنَ قَلْبِيْ بَلْ أَجِدُ ذَاتِي فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَذَلَّ مِنْ كُلِّ ذَلِيْلٍ وَأَفْقَرَ مِنْ كُلِّ فَقِيْرٍ، سُبْحَاَنَكَ يَا إِلهِيْ لَمَّا عَرَّفْتَنِيْ هَذَا أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ مَا حَمَلَهُ الأَلْوَاحُ وَمَا جَرى عَلى قَلْبِ أَحَدٍ وَلِسَانِ نَفْسٍ فَلَمْ يَزَلْ كَانَ خَفِيًّا بِخَفاءِ ذَاتِكَ وَمُتَعَالِيًا بِعُلُوِّ نَفْسِكَ بِأَنْ تَرْفَعَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَعْلامَ نَصْرِكَ وَرَايَاتِ انْتِصَارِكَ لِيُغْنِيَنَّ كُلٌّ بِغَنَائِكَ وَيَسْتَرْفِعُنَّ بِعُلُوِّ سُلْطَانِ رفْعَتِكَ وَيَقُوْمُنَّ عَلى أَمْرِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ الْمُتَعَالِي الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيْزُ السُّلْطَانُ.